شكلت خسارة البقعة القاسية أمام ضيفه اتحاد العاصمة الجزائري في بطولة كأس الاتحاد العربي لكرة القدم بسداسية صدمة كبيرة في الشارع الرياضي؛ فحتى أكثر المتشائمين من جمهور البقعة وأكثر المتفائلين من جمهور الضيف الجزائري لم يكن يتوقع مثل هذه النتيجة التي أحدثت جرحًا عميقًا في جسد الكرة الأردنية؛ خاصة وأنها تأتي في الوقت الذي تشهد فيه نهضة حقيقية على صعيد الأندية والمنتخبات الوطنية؛ وبالتالي لا بد من وقفة حقيقية في نادي البقعة لتفادي الأخطاء قبل لقاء العودة خشية أن يقع الفريق مجددًا ضحية للجزائري ويتعرض لخسارة أثقل واكبر من لقاء الذهاب.
البقعة فقد بخسارته الكبيرة فرصة التأهل إلى الدور نصف النهائي للبطولة وبفارق الأهداف الخمسة، من الصعب تعويضها في لقاء الرد المقرر في الجزائر في السادس والعشرين من الشهر الحالي، ليس بالنظر إلى الفارق التهديفي فحسب؛ بل وللفارق الفني كذلك.
اخطأ دفاع البقعة في لحظات "جس النبض" التي طالما استخدمتها الفرق مطلع كل لقاء بشكل بديهي بغية القراءة الفنية المتأنية للخصم، فتلقت شباكه جملة من الأهداف الكفيلة بقتل المجريات والنيل من العزيمة فيما بعد، ثم إنهاء نسبة بالغة من الطموح.
ستة أهداف مقابل هدف النتيجة التي كشفت الغطاء عن المشاركة الأردنية في البطولة العربية حديثة العهد التي تشهد مشاركة فرق عربية قوية خاصة في أدوارها المتقدمة؛ وبات أمر التوغل في أدوارها أشبه بالحلم المستحيل لممثل كرة القدم إزاء الهزيمة الكبيرة، ولنكن في طرحنا هذا واقعيين؛ كون فريق اتحاد العاصمة الجزائري وضع كلتا قدميه في الدور قبل النهائي للبطولة وأضحت مهمته سهلة إيابًا.
أربع دقائق فقط كافية لهز الشباك البقعاوية ثم ثلاث دقائق ثم خمس، وصولًا للدقيقة التاسعة عشرة، أربعة أهداف طرقت الشباك وبانت ملامح الهزيمة القاسية التي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن المنافسة الخارجية على أنديتنا باتت صعبة فالفارق الفني خلال لقاء البقعة مع فريق اتحاد العاصمة ظهر جليًا أمام المتابعين.
تلقي لاعبي البقعة للصدمات تلو الأخرى أثناء المجريات، لم يساهم في إيقاظهم إلا بشكل متأخر من الضعف في العمق الدفاعي الذي كان نقطة المقتل للفريق؛ وان أخطأ أمام فريق يضم في صفوفه نخبة من لاعبي المنتخب الجزائري والأبرز في الدوري هناك .. لا بد من دفع الثمن الباهظ لا بل أهدر الفريق أربع فرص من وضعية انفراد تام كانت كفيلة بإعادة الأمور لنصابها الصحيح أضف إلى هذا ركلة الجزاء المهدورة من الضيوف.
ما حدث عقب الرباعية كان لزامًا على مدرب الفريق المصري طارق الصاوي التحرك فورًا لتدارك ما يمكن تداركه؛ لكنه اكتفى بالذهول حاله حال اللاعبين لتزداد الأمور صعوبة فيما بعد وتستقبل شباك الفريق هدفين إضافيين في الشوط الثاني وبأقل التكاليف من الضيوف بعدما دفع مدرب الفريق الفرنسي رولان كوربيس بلاعبين بدلاء بغية إعطائهم فرصة للمشاركة فقط.
ورغم أن لاعبي البقعة التقطوا أنفاسهم في فترة ما بين الشوطين، ليظهروا بصورة إيجابية في الحصة الثانية؛ لكن الظروف أبت إلا أن تكون قاسية على الفريق إذ فقد الفريق قلبه النابض عدنان عدوس بسبب الإصابة وهو الذي نجح وحده بتشكيل مصدر إزعاج بتحركاته في منطقة الوسط وتمريراته التي وضعت زملاءه في أفضل وضعيات للتسجيل فكان القدر بانتظار الفريق.
والحديث عن المدرب المصري الصاوي الذي أعلن استقالته عقب اللقاء مباشرة متشعب؛ فالمدرب أشار أثناء المؤتمر الصحافي إلى أنه لا يتحمل مسؤولية الخسارة بل دفع بالأسباب نحو المسبب؛ وقال أنه استقال من التدريب قبل اللقاء عازيًا الأمر للتدخلات الإدارية في صورة تؤكد مدى ضعفه فنيًا !
ولاحظ الزملاء أثناء المؤتمر أيضًا أنه قال"قدمت اعتزالي" بدلا من استقالتي والأهم من ذلك أنه رفض الخوض في التفاصيل الفنية وسبب انهيار الفريق دفاعيًا في الدقائق الأولى؛ ما أكد الخلل في التعاقد مع مدرب لا يجيد ابسط مفاهيم القراءة الفنية؛ وهي مشكلة إدارية أيضا دفعت الجمهور الذي حضر لمؤازرة البقعة لانتقادهم على مسمع الجميع.
عموما خرج البقعة من البطولة بشكل غير رسمي بعد، وبطريقة لم يتوقعها حتى الفريق الجزائري الضيف؛ وحان الوقت لأن تدرس أنديتنا بتأن وجدية قبل قرار خوض غمار البطولات القارية والدولية؛ لأنه كما ُيقال: "الكيِّس من دان نفسه".