لروح والملأ الملائك حوله للدين والدنيا به بشراء
والعرش يزهو والحظيرة تزدهي والمنتهى والسدرة العصماء
وحديقة الفرقان ضاحكة الربا بالترجمان شذية غناء
والوحي يقطر سلسلا من سلسل واللوح والقلم البديع رواء
نظمت أسامي الرسل فهي صحيفة في اللوح واسم محمد طغراء
اسم الجلالة في بديع حروفه ألف هنالك واسم طه الباء
يا خير من جاء الوجود تحية من مرسلين إلى الهدى بك جاؤوا
بيت النبيين الذي لا يلتقي إلا الحنائف فيه والحنفاء
خير الأبوة حازهم لك آدم دون الأنام وأحرزت حواء
هم أدركوا عز النبوة وانتهت فيها إليك العزة القعساء
خلقت لبيتك وهو مخلوق لها إن العظائم كفؤها العظماء
بك بشر الله السماء فزينت وتضوعت مسكا بك الغبراء
وبدا محياك الذي قسماته حق وغرته هدى وحياء
وعليه من نور النبوة رونق ومن الخليل وهديه سيماء
أثنى المسيح عليه خلف سمائه وتهللت واهتزت العذراء
يوم يتيه على الزمان صباحه ومساؤه بمحمد وضاء
الحق عالي الركن فيه مظفر في الملك لا يعلو عليه لواء
ذعرت عروش الظالمين فزلزلت وعلت على تيجانهم أصداء
والنار خاوية الجوانب حولهم خمدت ذوائبها وغاض الماء
والآي تترى والخوارق جمة جبريل رواح بها غداء
نعم اليتيم بدت مخايل فضله واليتم رزق بعضه وذكاء
في المهد يستسقى الحيا برجائه وبقصده تستدفع البأساء
بسوى الأمانة في الصبا والصدق لم يعرفه أهل الصدق والأمناء
يا من له الأخلاق ما تهوى العلا منها وما يتعشق الكبراء
لو لم تقم دينا لقامت وحدها دينا تضيء بنوره الآناء
زانتك في الخلق العظيم شمائل يغرى بهن ويولع الكرماء
أما الجمال فأنت شمس سمائه وملاحة الصديق منك أياء
والحسن من كرم الوجوه وخيره ما أوتي القواد والزعماء
فإذا سخوت بلغت بالجود المدى وفعلت ما لا تفعل الأنواء
وإذا عفوت فقادرا ومقدرا لا يستهين بعفوك الجهلاء
وإذا رحمت فأنت أم أو أب هذان في الدنيا هما الرحماء
وإذا غضبت فإنما هي غضبة في الحق لا ضغن ولا بغضاء
وإذا رضيت فذاك في مرضاته ورضا الكثير تحلم ورياء
وإذا خطبت فللمنابر هزة تعرو الندي وللقلوب بكاء
وإذا قضيت فلا ارتياب كأنما جاء الخصوم من السماء قضاء
وإذا حميت الماء لم يورد ولو أن القياصر والملوك ظماء
وإذا أجرت فأنت بيت الله لم يدخل عليه المستجير عداء
وإذا ملكت النفس قمت ببرها ولو ان ما ملكت يداك الشاء
وإذا بنيت فخير زوج عشرة وإذا ابتنيت فدونك الآباء
وإذا صحبت رأى الوفاء مجسما في بردك الأصحاب والخلطاء
وإذا أخذت العهد أو أعطيته فجميع عهدك ذمة ووفاء
وإذا مشيت إلى العدا فغضنفر وإذا جريت فإنك النكباء
وتمد حلمك للسفيه مداريا حتى يضيق بعرضك السفهاء
في كل نفس من سطاك مهابة ولكل نفس في نداك رجاء
والرأي لم ينض المهند دونه كالسيف لم تضرب به الآراء
يأيها الأمي حسبك رتبة في العلم أن دانت بك العلماء
الذكر آية ربك الكبرى التي فيها لباغي المعجزات غناء
صدر البيان له إذا التقت اللغى وتقدم البلغاء والفصحاء
نسخت به التوراة وهي وضيئة وتخلف الإنجيل وهو ذكاء
لما تمشى في الحجاز حكيمه فضت عكاظ به وقام حراء
أزرى بمنطق أهله وبيانهم وحي يقصر دونه البلغاء
حسدوا فقالوا شاعر أو ساحر ومن الحسود يكون الاستهزاء
قد نال بالهادي الكريم وبالهدى ما لم تنل من سؤدد سيناء
أمسى كأنك من جلالك أمة وكأنه من أنسه بيداء
يوحى إليك الفوز في ظلماته متتابعا تجلى به الظلماء
دين يشيد آية في آية لبناته السورات والأدواء
الحق فيه هو الأساس وكيف لا والله جل جلاله البناء
أما حديثك في العقول فمشرع والعلم والحكم الغوالي الماء
هو صبغة الفرقان نفحة قدسه والسين من سوراته والراء
جرت الفصاحة من ينابيع النهى من دوحه وتفجر الإنشاء
في بحره للسابحين به على أدب الحياة وعلمها إرساء
أتت الدهور على سلافته ولم تفن السلاف ولا سلا الندماء
بك يا ابن عبد الله قامت سمحة بالحق من ملل الهدى غراء
بنيت على التوحيد وهي حقيقة نادى بها سقراط والقدماء
وجد الزعاف من السموم لأجلها كالشهد ثم تتابع الشهداء
ومشى على وجه الزمان بنورها كهان وادي النيل والعرفاء
إيزيس ذات الملك حين توحدت أخذت قوام أمورها الأشياء
لما دعوت الناس لبى عاقل وأصم منك الجاهلين نداء
أبوا الخروج إليك من أوهامهم والناس في أوهامهم سجناء
ومن العقول جداول وجلامد ومن النفوس حرائر وإماء
داء الجماعة من أرسطاليس لم يوصف له حتى أتيت دواء
فرسمت بعدك للعباد حكومة لا سوقة فيها ولا أمراء
الله فوق الخلق فيها وحده والناس تحت لوائها أكفاء
والدين يسر والخلافة بيعة والأمر شورى والحقوق قضاء
الإشتراكيون أنت إمامهم لولا دعاوي القوم والغلواء
داويت متئدا وداووا ظفرة وأخف من بعض الدواء الداء
الحرب في حق لديك شريعة ومن السموم الناقعات دواء
والبر عندك ذمة وفريضة لا منة ممنونة وجباء
جاءت فوحدت الزكاة سبيله حتى التقى الكرماء والبخلاء
أنصفت أهل الفقر من أهل الغنى فالكل في حق الحياة سواء
فلو ان إنسانا تخير ملة ما اختار إلا دينك الفقراء
يأيها المسرى به شرفا إلى ما لا تنال الشمس والجوزاء
يتساءلون وأنت أطهر هيكل بالروح أم بالهيكل الإسراء
بهما سموت مطهرين كلاهما نور وريحانية وبهاء
فضل عليك لذي الجلال ومنة والله يفعل ما يرى ويشاء
تغشى الغيوب من العوالم كلما طويت سماء قلدتك سماء
في كل منطقة حواشي نورها نون وأنت النقطة الزهراء
أنت الجمال بها وأنت المجتلى والكف والمرآة والحسناء
الله هيأ من حظيرة قدسه نزلا لذاتك لم يجزه علاء
العرش تحتك سدة وقوائما ومناكب الروح الأمين وطاء
والرسل دون العرش لم يؤذن لهم حاشا لغيرك موعد ولقاء
الخيل تأبى غير أحمد حاميا وبها إذا ذكر اسمه خيلاء
شيخ الفوارس يعلمون مكانه إن هيجت آسادها الهيجاء
وإذا تصدى للظبا فمهند أو للرماح فصعدة سمراء
وإذا رمى عن قوسه فيمينه قدر وما ترمى اليمين قضاء
من كل داعي الحق همة سيفه فلسيفه في الراسيات مضاء
ساقي الجريح ومطعم الأسرى ومن أمنت سنابك خيله الأشلاء
إن الشجاعة في الرجال غلاظة ما لم تزنها رأفة وسخاء
والحرب من شرف الشعوب فإن بغوا فالمجد مما يدعون براء
والحرب يبعثها القوي تجبرا وينوء تحت بلائها الضعفاء
كم من غزاة للرسول كريمة فيها رضى للحق أو إعلاء
كانت لجند الله فيها شدة في إثرها للعالمين رخاء
ضربوا الضلالة ضربة ذهبت بها فعلى الجهالة والضلال عفاء
دعموا على الحرب السلام وطالما حقنت دماء في الزمان دماء
الحق عرض الله كل أبية بين النفوس حمى له ووقار
هل كان حول محمد من قومه إلا صبي واحد ونساء
فدعا فلبى في القبائل عصبة مستضعفون قلائل أنضاء
ردوا ببأس العزم عنه من الأذى ما لا ترد الصخرة الصماء
والحق والإيمان إن صبا على برد ففيه كتيبة خرساء
نسفوا بناء الشرك فهو خرائب واستأصلوا الأصنام فهي هباء
يمشون تغضي الأرض منهم هيبة وبهم حيال نعيمها إغضاء
حتى إذا فتحت لهم أطرافها لم يطغهم ترف ولا نعماء
يا من له عز الشفاعة وحده وهو المنزه ما له شفعاء
عرش القيامة أنت تحت لوائه والحوض أنت حياله السقاء
تروي وتسقي الصالحين ثوابهم والصالحات ذخائر وجزاء
ألمثل هذا ذقت في الدنيا الطوى وانشق من خلق عليك رداء
لي في مديحك يا رسول عرائس تيمن فيك وشاقهن جلاء
هن الحسان فإن قبلت تكرما فمهورهن شفاعة حسناء
أنت الذي نظم البرية دينه ماذا يقول وينظم الشعراء
المصلحون أصابع جمعت يدا هي أنت بل أنت اليد البيضاء
ما جئت بابك مادحا بل داعيا ومن المديح تضرع ودعاء
أدعوك عن قومي الضعاف لأزمة في مثلها يلقى عليك رجاء
أدرى رسول الله أن نفوسهم ركبت هواها والقلوب هواء
متفككون فما تضم نفوسهم ثقة ولا جمع القلوب صفاء
رقدوا وغرهم نعيم باطل ونعيم قوم في القيود بلاء
ظلموا شريعتك التي نلنا بها ما لم ينل في رومة الفقهاء
مشت الحضارة في سناها واهتدى في الدين والدنيا بها السعداء
صلى عليك الله ما صحب الدجى حاد وحنت بالفلا وجناء
واستقبل الرضوان في غرفاتهم بجنان عدن آلك السمحاء
خير الوسائل من يقع منهم على سبب إليك فحسبي الزهراء